وكالة مهر للأنباء _ علاء الدين حمزات: شهد التاريخ المعاصر جرائم بربرية عديدة، تقلّد الکیان الصهیونی صدارتها، فتحت مايسمى عملية "سلامة الجليل" اجتاح الکیان الغاصب، لبنان مُرتكباً بحق اللبنانيين والفلسطينيين أفظع جرائم حرب، مُستخدماً القنابل و الأسلحة المحرمة دوليًا، وتحت هذا الشعار قتل الاحتلال وشوه وجرح أكثر من 70 ألف من اللبنانيين والفلسطينينة وشرد الالاف.
بداية الحرب:
في حديث بين وزير الخارجية الأمريكي الجنرال الكسندر هينغ مع شارون عن وجود الحاجة لاستفزاز واضح يعترف به العالم لتكون ردة الفعل هو شن الإجتياح على لبنان.
حيث أنه لم تكن ترتقي المناوشات الصاروخية التي كانت تجري بين الحين والاخر للجانبين الفلسطيني متمثل بمنظمة التحرير و الاحتلال الاسرائيلي، لمستوى الاستفزاز المطلوب، إلى أن جاءت عملية اغتيال سفير اسرائيل، في بريطانيا "شلومو أرجوف" في الثالث من حزيران , ليكون تاريخ السادس من حزيران من العام 1982 م هو المنتظر للإجتياح.
ادعى الاحتلال الإسرائيلي بأن الهدف من العملية هو عشرات الكيلو مترات والتي تؤمن حدوده الشمالية، إلا أنه سرعان ماتكشفت غاياته المعلنة للعالم والتي كان أبرزها:
-
إجلاء القوات الغريبة عن لبنان ومن ضمن ذلك الجيش العربي السوري.
-
تدمير منظمة التحرير الفلسطينية
-
مساعدة القوات اللبنانية بالسيطرة على بيروت وتنصيبها كحكومة لبنانية تملك سلطة وسيادة على كامل التراب اللبناني وضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية.
لإسرائيل أطماع في الجنوب اللبناني
استطاع الإسرائيلي على مر التاريخ استيعاب وفهم مدى أهمية الجنوب اللبناني استراتيجياً و اقتصادياً، فالجنوب اللبناني يقع في الزاوية التي تربط فلسطين بسورية وتشكل الامتداد الكامل للحدود اللبنانية الفلسطينية، ويحتل مايقارب خمس المساحة الإجمالية للأراضي اللبنانية، وتعتبر بمعظمها صالحة للزراعة فهي تحوي ثروة مائية كبيرة ومراكز أثرية مهمة.
وهذه الأهمية تؤخذ بالحسبان بالنسبة لضرورات الكيان الصهيوني في تأمين المساحة الكافية لتوطين المهاجرين وتأمين الموارد الاقتصادية وضمان الاستقرار والأمن.
فمياه الليطاني ومنابع نهر الأردن ونهر الزهراني وينابيع أخرى تشكل حوالي 500 مليون متر مكعب في السنة، وهي الكمية الضرورية لكي تحقق اسرائيل مشاريع الري والاستيطان في جنوب فلسطين المحتلة (صحراء النقب).
وعن الإهتمام الكبير لإسرائيل في مياه الليطاني صرح ليفي أشكول ( رئيس وزراء اسرائيل ) لصحيفة الموند الفرنسية في 8 أيلول 1967م , بقوله ( لا يمكننا ونحن بأمس الحاجة إلى المياه أن نرى مياه الليطاني تذهب هدراً في البحر، لقد أصبحت القنوات جاهزة في اسرائيل لاستقبال هذه المياه واستعمالها ).
وكان أشكول قبل ذلك يخطب في جنود الاحتلال في سيناء ( إنكم تعانون العطش هنا وعلى مقربة من حدودكم الشمالية تهدر مياه الليطاني في البحر )
كان من الواضح للإسرائيليين أن أحلام تطوير النقب لا يمكن أن يتحقق بدون مياه الليطاني.
ماوراء الإجتياح
لاجتياح الجنوب اللبناني دوافع لاتقل أهمية عما ذكر سابقاً، حيث شكلت العقيدة التوراتية القوة الدافعة و المحركة للأمام بكل جرأة لأي عمل تقوم به اسرائيل على مر التاريخ .
ففي أحد أحاديث هيرتزل ذكر (إن فلسطين التي نريد هي فلسطين داوود وسليمان)، فماهي فلسطين داوود وسليمان التي عناها هيرتزل ؟؟
إن أسفار التوراه غنية بالأفكار التوسعية التي نشط غلاة الصهيونية في ترجمتها وبرمجتها لتأخذ حيز الواقع المادي الملموس.
هيرتزل كان في البداية يعتمد على الغموض والتلميح وقد ذكر في احد مدوناته مع مستشار امبراطور المانيا في ذلك الحين ( وسألني أيضاً عن الأرض التي نريد وما إذا كانت تمتد شمالاً حتى بيروت أو أبعد من ذلك، وكان الجواب سنطلب مانحتاجه وتزداد المساحة المطلوبة مع ازدياد عدد المهاجرين)، وبعد فترة عاد هيرتزل وأعلن في إحدى مسودات مذكراته أن المساحة من نهر مصر إلى الفرات وهذه المقولة هي التي جاءت في سفر التكوين أكثر وضوحاً ( منح الله قيمة شعبه المختار كل الأرض الواقعه بين النيل والفرات )-سفر التكوين 20:15-28.
وحسب الروايات اليهويدية ( فإن الحدود الشمالية في عهد الأسباط الاثني عشر كانت تمتد من الساحل وحتى شمال صيدا )
وتستند الصهيونية في زعمها أن لبنان يدخل ضمن الوطن القومي لليهود تبعاً إلى ما نص عليه (العهد القديم) في الأسفار على لسان يشوع بن نون : ( من البرية ولبنان هذا ,إلى النهر الكبير نهر الفرات وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم).
الهدف أبعد من جنوب لبنان فهذا موشي دايان يبرر احتلاله للأراضي العربية بأنها أرض التوراة التي جاء وصفها في سفر التثنية ( كل ما تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم ..),اصحاح 11 فقرة24
هذه الروحية العقائدية التي وجدت في الرعيل الأول كانت القوة الدافعة لاحتلال الأرض العربية ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها وفق رؤية الكيان التوراتية.
/انتهى/
تعليقك